الشاعر خليل عجمي
| أهل الكساء بهم تباهى السْؤدَدُ | ولُهمْ بكلّ شروقِ شمسٍ معْهَدُ |
| يكفيهمُ الفخرُ العظيمُ بأنهمْ | لولاهمُ ربُّ السما لا يُعبدُ |
| فلأجلهم شمس الحياة على المدى | في كلِّ يومٍ نورها يتجدّدُ |
| فهمُ الذين بنورهم سطع الهدى | وبذكرهم كل الخلائق تسعَدُ |
| صلّوا عليهم فالدُّنا لولاهمُ | ما كان فيها للعبادةِ مسجدُ |
| إن رُمْتَ تسألُ عن حديث كسائهمْ | فكِساؤهم في كل يومٍ يولدُ |
| ما زال ثغر الدهر يروي سِرَّهُ | وبهِ ملايين القصائدِ تُنشَدُ |
| يومُ الكساء فإنه اليوم الذي | فيه الملائك للنبوّة تشهدُ |
| يومٌ به جعل الإله سماءَهُ | تحت الكساء نام فيه محمدُ |
| هذا الكساء إذا أردتَ حديثهُ | فهو اليَمانيُّ الولاء المفردُ |
| هنا الكساء بما احتواه من الهدى | قد كان في سرِّ السما يتفرّدُ |
| قد ضمّ من بيتِ النبوّةِ خمسةً | فكأنّما ضمّ الثريا مَعْبدُ |
| في بيتِ فاطمةٍ هناك المصطفى | أوحى له الربُّ العظيمُ الأوحدُ |
| في بيتِ فاطمة بدا وحْيُ السما | نوراً ومع جبريل كان الموعدُ |
| حيثُ النبيُّ تبدّلت أحواله | وأحسَّ في ضعف ٍ بهِ يتجسّدُ |
| فأشارَ للزهراء أن تأتي له | بكساءِ طُهرٍ من سناها يُعْقدُ |
| وإذا بفاطمةٍ إليه تقدَّمت | كالشمس في يدها الكساءُ منضّدُ |
| نام النبيُّ وقال غطّيني بهِ | إني أحسُّ بأنّ جسمي يبردُ |
| نظرتْ له الزهراء قائلةً له | حاشاكَ من ضعفٍ وقد عَبَرتْ يدُ |
| منها على جسَدِ النبيِّ كأنها | من كربلاءَ يمامة ٌ تتنَهّدُ |
| مِن بعدها لم تمضِ إلّا ساعةٌ | حتى أتى الحسن الفتى المتوقد |
| ألقى السلام وقال: يا أمي أما | في بيتنا سرٌ عظيم يُسعِدُ |
| فأجابتِ الزهراء يا كبدي أجلْ | تحت الكساء هناك جدك يرقد |
| فتقدم السبط العظيم من الكسا | مستأذناً ولجدّه يتودَّدُ |
| أذِنَ النبيُّ له فنام بقربِهِ | فانضمَّ للسِّر الإلهي فرقدُ |
| من بعدِها لم تمضِ إلّا ساعة | فأتى الحسين الطاهر المتعبِّدُ |
| ألقى السلام على البتول وقال: يا | أمّاهُ مَن في البيت عندك يوجدُ |
| إني أشمُّ رحيق جدّي المصطفى | جدي الحبيب فأين جدي يقعُدُ |
| نظرتْ له الزهراء وابتسمتْ وفي | نظراتها سرُّ السماء مؤكد |
| انظر لجدِّكَ مع أخيك كلاهما | تحت الكساء مكبرٌ وموَحِّدُ |
| فمضى الحسين إلى النبيِّ مُنادياً | هل لي بقربك يا حبيبي مَرقدُ |
| فأجاب من تحت الكساء المصطفى | ادخلْ حبيبي فانبرى يتشهّدُ |
| هي ساعة وإذا الإمام المرتضى | كالليثِ أقبل من بعيد ٍ يرعدُ |
| ألقى على الزهراء حرَّ سلامهِ | وجبينُهُ بسنا الهُدى يتورّدُ |
| ثم اعترتْهُ رعشةٌ نبويةٌ | وعلى محيّاهُ بدا ما يقصدُ |
| ودنا إلى الزهراء يسألها أما | في الأمر سرٌّ وانثنى يتنهّدُ |
| إني أشمُّ ببيتنا عطراً بهِ | نورُ النبوّةِ بل أنا متأكد |
| فأجابتِ الزهراء أبشرْ يا علي | في بيتنا من نور مكّة سيِّدُ |
| انظر إلى هذا الكساء فتحتهُ | حسنٌ وحسينٌ والنبيّ محمدُ |
| ومضى الإمام إلى الكساء وقد درى | السرَّ الذي بمحمَّد ٍ يتجدَّدُ |
| ناداه من تحت الكساءِ محمَّدٌ | ادخلْ فدونك لا يطيب الموردُ |
| دخل العليُّ ونام قرب نبيِّهِ | وبنيْهِ فابتدأ الكساء يُزغردُ |
| ما إن رأتْ بنتُ النبي بُدُورها | تحت الكساء تجمعوا وتوحّدوا |
| علِمتْ بأنّ الأمر معجزة السما | فإليهمُ انضمتْ وتمّ المقصدُ |
| تحت الكساءِ بدتْ كواكب خمسةٌ | بضيائها قلب السما تتوسّدُ |
| وكذاك جبريلٌ ترجّى ربَّه | ليضمّهُ تحت الكساء محمد |
| فانضمّ جبريلٌ إليهمْ وانجلى | ما شاءَهُ ربُ السماءِ الأوحدُ |