عبد الرحمان العشماوي(*)
|
شدّي وثاق الطهر.. لا تتغربي |
عن عالم الدين الحنيف الأرحبِ |
|
شدّي وثاق الطهر.. سيري حرة |
لا تُخدعي بحديث كل مخربِ |
|
لك من رحاب المجد أخصبُ بقعةٍ |
ولغيركِ الأرض التي لم تخصبِ |
|
لك من عيون الحق أصفى مشربٍ |
ولعاشقاتِ الوهمِ أسوأ مشربِ |
|
هزّي إليكِ بجذع نخلتنا التي |
تُعطي عطاءَ الخير دون تهيّبِ |
|
وقفي على نهر المروءة إنه |
يروي العطاش بمائه المستعذَبِ |
|
وإذا رأيتِ الهابطاتِ فحوقلي |
وقفي على قمم الهدى وتحجبي |
|
إن الحجاب هو التحرر من هوى |
جلادةِ ذاتِ الهوى المتذبذب |
|
وهو الطريق إلى صفاء سريرةٍ |
وعلو منزلةٍ ورفعةِ منصب |
|
يا ربة البيت الكريم.. لواؤها |
بالطهر مرفوعٌ عظيم الموكب |
|
البيت مملكة الفتاة وحصنها |
تحميها من لصِّ العفاف، الأجنبي |
|
لا تخدعنّك لفظةٌ معسولة |
مزجت معانيها بسم العقربِ |
|
شتان بين الماء يُشربُ صافياً |
والماء يشرب بالقذى والطُّحلب |
|
شتان بين الشمس لما أشرقت |
والشمس حين تلفعت بالمغربِ |
|
شتان بين مسافرٍ متزودٍ |
ومسافرٍ يقتات عود العُثرُبِ(*) |
|
لو أنصفت لدعت إلى نبذ الهوى |
عن ساحة الرأي الحكيم الأصوب |
|
يا ربة البيت الكريم، لِبَابهِ |
قفلٌ من التقوى وميراث النبي |
|
لا تتركيه وتخرجي؛ فلربما |
طردتك نابحةً كلابُ الحوأب |
|
فلسوف تلقين الندامة عندما |
يستوقف الإيجاز قول المطنب |
|
يا ربة البيت الكريم قصائدي |
من غير ينبوع الهدى لم تشربِ |
|
يا أخت فاطمةٍ.. وبنت خديجة |
ووريثة الخلق الكريم الطيب |
|
إن العفاف هو السماء فحلّقي |
وبطيب أخلاق الكرام تطيبي |
|
قولي لتجّار الهوى لن تربحوا |
إلا إذا نطقت حجارةُ أُثربِ(**) |
|
أنا ربَّةُ البيت الكريم ولن أقوى |
إلا على شرفٍ عزيز المطلبِ |
|
قولي لعصرٍ تاه في مدنيةٍ عمياء |
قد لبست عباءة غيهبِ |
|
إن كان قائدُ كل ذاتِ جديلة |
نزق الهوى؛ فالأرض أتعس كوكبِ! |
(*) شاعر مصري
(*) العُثرب: نبات موجود في المنطقة الجنوبية، وينبت في صحراء نجد في الربيع.
(**) الأُثرب: جبل معروف.